الثلاثاء، 5 أبريل 2011

المتاحف


أحدث متحف فنون الصحراء بمقر دار الثقافة بمدينة العيون إلى جانب معهد الموسيقى وقاعة
الاجتماعات. تتكون المجموعات المتحفية لهذه المؤسسة من نماذج من التراث الثقافي الصحراوي الأصيل وقد عرضت في ثلاث قاعات.



تضم القاعة الرئيسية ثلاث وحدات
الوحدة الأولى: تعرض بها مجموعة من الصور الفوتوغرافية حول المواقع
الأثرية (مقابر، نقوش صخرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ (600 – 500 سنة ق.م)
• نموذج المدرسة القرآنية بكل مكوناتها
• نموذج الخيمة وكل محتوياتها، والتي تدل على المكانة الاجتماعية والاقتصادية لصاحبها.

الوحدة الثانية: تعرف الزائر بالقطع التالية
• لوازم الجمل التي يعتبر المطية المفضلة بالمناطق الصحراوية
• مجموعة من السروج / الأسرجة




الوحدة الثالثة:
تعرض بها المجموعات التي تمثل الصناعة التقليدية المحلية حيث نجد من ضمنها الزي التقليدي والحلي والآلات الموسيقية

القاعة الثانية والثالثة:
خصصت هاتان القاعتان لاحتضان مجموعة من المصنوعات الجلدية تتميز بغناها الفني وتنوعها.

العنوان: متحف الفنون الصحراوية
دار الثقافة ساحة أم السعد – العيون
الهاتف :28.99.33.99 (212 )
 

متحف الصناعة التقليدية 
ترتكز الصناعة التقليدية في المناطق الصحراوية على تحويل جلد الماعز  و الإبل والفضة و العاجات الملونة والطين المحلي من طرف الصناع التقليديون إلى منتوجات نفعية أو تحف فنية ( حلي و منتوجات نحاسية...) ، وفي هذا الإطار ، يساهم مجمع الصناعة التقليدية ،الذي تم إحداثه مدينة العيون في تنظيم  الصناع وتكوينهم .


 و إذا كان من باب الضرورة مراعاة ما تتوفر عليه الصناعة التقليدية ، النفعية منها والفنية و الخدماتية ، من طاقات التشغيل ، فان آفاق تطورها رهبن بإنعاش القطاع السياحي .
على مستوى المصنوعات اليدوية ، أبدع الإنسان الصحراوي العديد من المصنوعات اليدوية التقليدية والشعبية نذكر من بينها " أصرمي " وهو عبارة عن وسائد جدية منمقة بالعديد من الزخارف الجميلة ، إضافة إلى العديد من الأدوات المنزلية كالصناديق والعلب الصغيرة التي تستعمل في تخزين العطور والحلي النسائية وقد تستعمل لحفظ بعض الأغراض أو الوثائق الناذرة كالمخطوطات وعقود البيع والزواج والملكية.
 و يرتبط تطور هذا القطاع بالتراث الثقافي للرحل، الذي يعتمد في جزء كبير على  تربية الماعز و الإبل. علما بان جلود هذه الحيوانات تستعمل في صناعة منتجات أخرى ومنها  "البوفات"، "النعال" الخ....بينما يستعمل وبرها في نسج الزرابي و خيام الرحل.


كتب حسانية


هذه الصفحة مخصصة للتعريف بجديد الكتب والإصدارات حول جوانب الثقافة الحسانية المتعددة .بإمكانكم إرسال أية كتب جديدة أو نصوص لمحاضرات ثقافية لإضافتها لهذه الصفحة، وشكرا جزيلا. 
كتاب : "الشعر الحساني المجال النقدي والمرجع"
عنوان الكتاب :
" الشعر الحساني المجال النقدي والمرجع".
عدد الصفحات: 167 صفحة من القطع المتوسط.
الناشر: مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 1992
المؤلف : باه النعمة





ملخص الكتاب : يقول مؤلف الكتاب " انه محاولة جنينية في إثارة النقاش وإثراءه حول جانب من جوانب ثقافتنا العربية ممثلا في الشعر الحساني. ويضيف، انه نابع من صلب الإبداع الشعبي مما يجعله يشكل في مضامينه معركة حضارية ضد الجهل والتخلف والخرافة ".

ويوضح باه النعمة: " وبتقديري أن ما ورد فيه إضافة إلى ما سبق، يلبي حاجة عشاق هذا الإبداع الأساسي المتميز، ويعد من المراجع القليلة والناذرة لطلاب البحث والدراسة لهذا اللون الأدبي المعطاء.ويزيد من مكانته كإضافة، كون هذا اللون الأدبي يعتمد على المساهمة، وأن رصيده الثري اختزنته أذهان أجيال بدأت تتغيب عنا واحدا تلو الآخر.فهو إذن محاولة طيبة لحماية هذا الكلام الجميل من الانقراض.

ويضم الكتاب مقدمة وأربعة فصول متكاملة تناول الأول منها الصحراء كذاكرة تؤرخ حيزا طويلا من حياة الإنسان الصحراوي وكمجال جغرافي تتفاعل بداخله العديد من الشروط التاريخية والاجتماعية والثقافية التي ساهمت في إنتاج الشعر الشعبي الحساني، بينما يقدم الكاتب من خال الفصل الثاني الشعر الحساني ويدرسه سواء من حيث مقوماته و أغراضه التي يشتغل عليها، أو من خلال خصائصه الجمالية التي يقوم عليها.

وخصص الكاتب الفصل الثالث من كتابه للمقاييس النقدية في الشعر الحساني حيث توقف من خلال عمل ميداني قام به، على التصوير العام للنقد كما صاغه وفهمه الحسانيون، حيث أورد مجموعة من الأمثلة المستعملة في تلقي وتذوق الشعر الحساني والحكم عليه.



كتاب : "التراث الشعبي الحساني، العناصر والمكونات"

عنوان الكتاب : " التراث الشعبي الحساني، العناصر والمكونات".
عدد الصفحات: 141 صفحة من القطع المتوسط.
الناشر: المكتبة والوراقة الوطنية بمراكش.
المؤلف : إبراهيم الحيسن

ملخص الكتاب : يرى الباحث إبراهيم الحيسن أن  التراث الشعبي الحساني هذا التراث يستمد قوته من جذور ضاربة في عمق التاريخ الثقافي الصحراوي، ويرتكز على ثوابت صادرة عن وجدان جمعي متحول في الزمان و المكان، كما أنه يعد نتاج مارسته وتمارسه القبائل الصحراوية بشكل نمطي يتميز بخصوصياته المتفردة، وأنه ينهض على فعل الإبداع من منظور اعتباره حصيلة لتفاعل منظم بين أحاسيس المبدعين (الشعبيين) وبين تلك المؤثرات التي يمارسها الموروث التراثي في تعبيريته وجماليته، وأن هذا التراث يتسم بحيوية تحفز مبدعيه ومنتجيه وتدفعهم إلى تطوير تفكيرهم ألابتكاري حتى يكون قابلا للصياغة الجمالية والإبداعية التي تناسب قيمة تراثهم الحضارية والتاريخية، ويقول الباحث: (إن القيمة الجمالية والتعبيرية التي يعبر عنها المنتج التراثي الحساني تنبع من الإبداع، وتحمل معها أشكال التفكير والعقلية الابتكارية لدى المجتمع الحساني بالصحراء) مضيفا: (لذلك، يصح القول بأن التراث الشعبي الحساني يلعب ـ في شقيه المادي والروحي ـ دورا نفعيا من خلال قدرته على تلبية حاجات المجتمع اليومية والمعيشية، الأمر الذي يجعل منه نتاجا وظيفيا أساسيا).
ويلاحظ تمكن الباحث في كتابه من إعطاء وصف دقيق لنمط العيش بالصحراء، بالنظر إلى أن هذا العيش يشكل المحدد الرئيسي لإبداعات أفراد هذا المجتمع بكل الطقوس الجغرافية و الثقافية والاجتماعية التي تمارس في ضوئها. نمط يغلب عليه طابع البداوة، وهي التي تطلق على قوم من الناس يصنفون ضمن تنظيم قبلي أو عشائري، ولهم طقوس وعادات وتقاليد وأشكال تواصل وأعراف وأنماط سلوكية تميزهم عن غيرهم من التجمعات البشرية، وذلك ضمن تراتبية اجتماعية خاضعة لنظام القبيلة أو العشيرة.  

ويصف الباحث إبراهيم الحيسن هذه الحالة بأنها (ظاهرة إنسانية مركبة اتخذت أشكال تحول
كثيرة عبر التاريخ..ولذلك فهي قابلة للتكيف مع كل تغير جديد شريطة ألا يمس هذا التغير الجوهر..أي الهوية و الخصوصيةالمحلية.
 

ويقول الباحث: (في الصحراء، هناك بدو رحل يرعون الإبل..وبدو أنصاف رحل يرعون الأغنام، وكلا الفئتين تمتلك القدرة على الحركة والظعن والتنقل. واستغلال كل المساحات الواسعة المشكلة للمكان)
ويؤكد الباحث بأن البداوة ـ أو العيش في الصحاري ومناطق النباتات الشوكية والحشائش القصيرة المعروفة بالإستبس ـ ليست حياة بدائية قائمة على الغرابة والتخلف (كما يعتقد خطأ) وإنما هي مرحلة من مراحل تطور الحياة البشرية، خلافا لتصور المنادين الذين يدعون إلى التخلص من البداوة باعتبارها حياة جافة وغليظة وخالية من التحضر مستدلين في ذلك بالحديث الشريف: (من بدا فقد جفا)، وببعض آراء ابن خلدون. إلا أن ابن خلدون نفسه نجده يميز في الفصل الرابع من مقدمته بين البداوة (الثقافة والتحضر) الحضارة بقوله: (البدو أقرب إلى الخير من أهل الحضر، وأن البادية أصل العمران والأمصار مدد له).

  

كتاب: " الثقافة..والهوية بالصحراء، رؤية انثروبولوجية حول المجتمع الحساني".

عنوان الكتاب : الثقافة..والهوية بالصحراء، رؤية انثروبولوجية حول المجتمع الحساني".
عدد الصفحات: 230 صفحة من القطع المتوسط.
الناشر: مطبعة بني يسي/ حي مولاي رشيد الداخلة.
المؤلف : إبراهيم الحيسن




ملخص الكتاب:
يقول الباحث إبراهيم الحيسن في مستهل كتابه: " تتصدى الهوية الثقافية بالصحراء لكل عولمة متوحشة..وترفض أي تنميط للقيم والسلوكيات المجتمعية، أو أي تخريب للمكاسب الأخلاقية والجمالية التي راكمها المجتمع الحساني على امتداد سيرورته الحضارية والتاريخية وصموده الفكري والإبداعي الطويل ".
ويتكون الكتاب من الأقسام التالية:
القسم الأول: الثقافة/ الهوية: المفهوم..والسياق.
القسم الثاني: العناصر البنيوية للهوية الصحراوية.
القسم الثالث: الإبداعات والطقوس الشعبية.

  

كتاب: " شذرات من الأدب الحساني".

عنوان الكتاب : "شذرات من الأدب الحساني".
عدد الصفحات: 230 صفحة من القطع الكبير.
الناشر: مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث1999.
المؤلف : الطالب بويا لعتيك ماء العينين




ملخص الكتاب: قال الباحث حسن أوريد في تقديمه للكتاب " لذلك أردنا في مركز طارق بن زياد للدراسات والأبحاث أن نحفظ جانبا من من الثقافة الشعبية في اقاليمنا بالساقية الحمراء ووادي الذهب.أردنا ذلك لنه تراث خليق بالرعاية والعناية. أردنا ذلك لخصوصيته القرية وتفاعله مع محيطه الخاص...صاغت الطبيعة نمطا من من الحياة يجد تعبيره الحق في أوجه الحياة وسبل التعبير، وقصد رصد هذه الأوجه ووقف على أساليب التعبير المرتبطة بها الباحث الطالب بويا لعتيك، ابن المنطقة المشبع بثقافتها، الغيور على تراثهان الحريص على حفظه واثرائه".
وتناول الباحث الطالب بويا لعتيك ماء العينين، من خلال مؤلفه المواضيع التالية

الفنون المعاصرة


يرتبط الفن التشكيلي بالأقاليم الجنوبية بوجود الكثير من الحرف التقليدية التي يستعمل فيها الصناع التقليديون العديد من الأدوات واللوازم التي يستخدمها التشكيليون في إنتاج لوحاتهم الفنية كالمواد الصباغية والأسمدة ، هذا فضلا عن المواضيع والقضايا الفنية والجمالية والاجتماعية التي يتناولونها وفق صيغ عفوية وتشخيصية محضة وأخرى غارقة في التشخيص.



 أواني وأدوات من منتجات الصناعة التقليدية الصحراوية


ومدينة العيون إذ تشهد طفرة نوعية في مجال الفنون التشكيلية وذلك لكون المدينة تحتضن العديد من الممارسين الذين يدرس أغلبهم الفنون التشكيلية، إلا أن واقع الفنون التشكيلية بالمدينة وغيرها من المدن الصحراوية لا يزال يرتكز على الرسم والفن ألصباغي، في غياب شبه كلي للأجناس التشكيلية الأخرى، كالنحت والجرافيك والفوتوغرافيا والسيراميك وغيرها.




لوحة من ابداع الفنان التشكيلي"ابراهيم الحيسن" (العيون)


وتبقى أهم ميزة تسم التجربة التشكيلية بمدينة العيون هي :  

التباين الواضح على نطاق إنتاج اللوحة التشكيلية وذلك أن بعض اللوحات التشكيلية تعكس وجود العديد من الأساليب المستعارة من توجهات معاصرة كالاشتغال على العلامات والرموز والبصمة والأثر والحرف العربي، وأخرى يتم استلهامها من التراث العربي الأصيل فضلا عن أخرى تستمد معالمها من الثقافة الشعبية والموروث المحلي في بعديه الجمالي والتعبيري.




لوحة من ابداع الفنان التشكيلي "عبد الرحمان حيدا" (العيون)


ومن ضمن المميزات الخاصة للمشهد التشكيلي بالمناطق الجنوبية عموما ومدينة العيون خصوصا نجد التصوير الواقعي وتمثله لوحات الفنان التشكيلي عبد الرحمان حيدة التي تصور الكثير من مشاهد الحياة اليومية بالصحراء، وجوانب كثيرة من عادات وطقوس أهلها.




لوحة من ابداع الفنان التشكيلي "عبد الرحمان حيدا" (العيون)


وخلافا للتصوير الواقعي المحكوم بنسقية أكاديمية تبرز التجربة التجريدية عند الفنان والناقد التشكيلي إبراهيم الحيسن، التي تتميز بالتوظيف الغنائي والشاعري للألوان، وذلك وفق تركيبات وتوليفات حرة ودينامية يساعده في ذلك اشتغاله على الملحفة زي المرأة الصحراوية كسند وموضوع لتشكيل لوحاته.




لوحة من ابداع الفنان التشكيلي "ابراهيم الحيسن" ( العيون)

دراسات في الفن التشكيلي...المحتوى. 
 
"لذة النص هي القيمة المنتقلة إلى القيمة الدال الفاخر"
رولان بارث1. 
هل يمكن الحديث عن لذة النص في الفن التشكيلي؟
إذا كان الأمر كذلك ما هي خصائص هذه "اللذة" وما هي شروطها؟
بل، من له الفضل في صناعتها وأحداثها.. أهو الفنان ؟ أهو القارئ؟ أم هي المادة الإبداعية نفسها؟
مما لاشك فيه أن اللوحة التشكيلية (أو المنحوتة) تمثل أيضا إبداعيا.. غير أن هذا النص - كسند مؤيقن - تحكمه نسقية التعبير الصامت (غير اللفظي) مما يجعله يمثل، بالمعنى السيميائي، حقلا مليئا بالدلالات والمعاني الصورية الرمزية والوصفية.. 
وفق هذا التصنيف، أين تتحدد اللذة (أو المتعة البصرية بالمفهوم الكانطي) التي تحققها اللوحة التشكيلية لناظرها؟
بالطبع لايمكن الحديث عن هذه "اللذة" دون الحديث عن طبيعة العلاقة بين المصدر المستهلك / اللوحة والمصدر المستهلك / المتلقي.. هذه العلاقة التي يلعب القارئ دورا بارزا في تفعيلها ونسج خيوطها من خلال التوفيق بين عنصرين متلازمين:
- اللوحة باعتبارها سندا أيقونيا مرئيا وملموسا.
- الفنان نفسه بما تركه من أثار وانطباعات ذاتية وخطابات حسية.





































وإذا كان رولان بارث قد استخدم في مجال السيميائيات العامة مصطلحات ومفاهيم تم تطبيقها في قراءة النص الأدبي باعتباره سطحا ظاهريا مثل الدال والمدلول والعلامة والدلالة والمفهوم والسياق، فإن هذه المفاهيم تنطبق، أيضا، وبصورة معينة على اللوحة التشكيلية (أو المنحوتة) في محاولتنا للتلذذ بها.. هذه اللذة التي تتمايز / هنا / بتفاوت درجات الفهم والتحليل والتأويل التي تخلقها اللوحة لقارئها.. اللوحة - إذن -، في هذا المضمار، ممارسة دلالية منحها علم الدلالة " تفوقا خاصا "فرضته طبيعتها التركيبية (بناها الشكلية) التي يتم عن طريقها اختراق حدودها السطحية (الانتقال من مرحلة الترميز / الكوداج إلى مرحلة فك الرموز / الديكوداج)، من هنا يزداد التلذذ بالنص التشكيلي المرئي (الذي يخاطب العين) ارتباطا بمدى إدراكنا لبنيته وفهمنا لمركبه الدلالي، مما يعني أن القارئ (الباحث عن اللذة) مدعو إلى ممارسة "التمعني"2 باعتباره منتجا ثانيا للنص / اللوحة، ولهذا فدوره داخل هذا النص يتجاوز اتصاله المبدئي له مرورا بتفكيك تراكيبه التعبيرية والوصول إلى مستوى التحليل العلاماتي (أو التوفيق بين خلقة النص وتخلقه بحسب تعبير جوليا كريستيفا).
تاريخيا، ترتبط "اللذة" في الفن التشكيلي بشيء اسمه "الموضوع" / احتلت فيه المشاهد السردية والدينية والميثولوجية والبطولية حيزا هاما عبر مجموعة من حقب التاريخ قبل أن يستقر على الإنسان في صورة مثالية وكمالية (النحت الإغريقي والتصوير الكلاسيكي القديمين).
ويصعب ضبط تطور الموضوع التشكيلي في صورة كرونولوجية متكاملة - وهو أمر طبيعي - بسبب التشعبات الكثيرة والمغالطات التاريخية التي ميزت وحاطت بهذا الحقل الإبداعي بالمقارنة مع المجالات الإبداعية الأخرى، غير أنه، من باب الاستدلال، يمكن تقديم بعض النماذج أبرزها التصوير الانطباعي، حيث أثار ظهور لوحة "شروق الشمس" التي رسمها كلود مونيه عام 1874 زوبعة من السخرية والاستغراب واعتبرت مسا واستفزازا بلذة المتلقي الأوربي آنذاك وقلبا لموازينه الذوقية بعد أن تربت عيناه، ولفترة غير قصيرة من الزمن، على مشاهدة أشياء جميلة (حسب معايير الذوق البورجوازي)..
ولم يكن يعلم الجمهور بمن فيهم النقاد والمؤرخون أن التصوير الانطباعي (الذي اعتبر بداية فضيحة إبداعية) سيحقق تدريجيا إمتاع لذة كل مشاهد.. هذا الإمتاع / اللذة الداعي / الداعية إلى تحويل اللون (الذي استعمل سابقا كوسيلة لتحديد ظواهر الأشياء) من لون وصفي إلى لون مستقل ودينامي يخاطب العين قبل أن تخاطبه (دعوة العين إلى مزج الألوان بصريا / خلق التآلف اللوني داخل اللوحة عن طريق العين).
ومع أن مفهوم اللذة يتأثر بمدى استعدادنا لرؤية الشيء وبطرق فهمنا له سنجد بأنها (أي اللذة) قد تتحقق، وفي حالات كثيرة، مع أشياء "قبيحة"، بمعنى أن القبيح أو الشيء المقبح قد نحوله بتذوقنا له (التلذذ به) إلى مادة للتشكيل الجمالي3.
سيكولوجيا، وخصوصا ما يتعلق بالتوهج الجنسي (البحث عن اللذة أو الليبيدو حسب تعبير سيغموند فرويد) سنجد بأن إخفاق ليوناردافينشي في تحقيق لذته (سيطرة المكبوت) أدى به إلى الانحراف الجنسي على مستوى اللاشعور، وتمثل الابتسامة4 في لوحته الشهيرة (الجيوكاندا) إسقاطا للذة مفقودة منذ الطفولة..
تشكيليا دائما، سنجد بأن الدادائيين قد وجدوا لذتهم في التخريب والفوضى.. فرضتها عليهم ظروف الحرب وأهوال الدمار الذي ألقى بظلاله وظلامه على العالم وعلى الأذهان والنفوس البشرية فحطم كل شيء حتى اصطبغت هذه اللذة (الفريدة من نوعها) بهذا اللون القاتم المأساوي وأفرزت تعبيرا سيكولوجيا كئيبا أطلق عليه آنذاك "الفن ضد الفن".
هذا التباين بين اللذات يجعلنا في موقع صعب للتمييز بين هذا العمل أو ذاك بدليل أن رقة أعمال رافائيل ودافيد أصبحت لاتقل جمالا عن قسوة خطوط ماتيس أو تعبيرية اسلاك كالدر أو رمزية منحوتات جياكوميتي.. وغيرهم..
غير أن اللذة رغم فطرتها (التلذذ بما هو جميل أو قبيح) لم تؤسس كإطار علمي بحت قابل للدراسة العلمية سوى بعد اقترانها بالإحساس الذي نمارسه وقت مشاهدتنا لأشياء جميلة أو جميلة في صورة قبيحة، من هنا ظهر "فن الإحساس" الذي اكتشفه الفيلسوف الألماني ألكسندر بومغارتن لأول مرة في منتصف القرن الثامن عشر وتحديدا عام 1750 الذي استقرت تسميته فيما بعد على لفظة استطيقا (أو علم الجمال) المأخوذ من كلمة يونانية هي إيستطيقوس / Eësthetikos.
عموما يطرح هذا الموضوع إشكالية كبيرة عكسها تحفظنا في الإحاطة بها (لذة النص في الفن التشكيلي) الذي تتقاطع داخله مجموعة من العلوم النفسية والاجتماعية والفلسفية.. وهي دعوة لإثارة هذا الموضوع عبر كتابات أخرى تعميما للفائدة التي نرغب جميعا في تحقيقها.

الحياة في الصحراء


تعتبر الأقاليم الصحراوية من بين المناطق الجغرافية المعروفة بوفرة الخلاء ، وقلة  التساقطات المطرية سنوياً، ولذلك تقل فيها الحياة ويعيش فيها أناس تأقلموا على تلك الظروف القاسية يطلق عليهم البدو،لهم عادات وتقاليد
خاصة .


 
و يتفرد المجتمع الصحراوي بالأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية بمجموعة من العادات والتقاليد والاحتفاليات الخاصة ، منها ما يرتبط بجوانب الحياة المتباينة من ولادة وعقيقة و سنة ختان الذكور من الأطفال التي يسميها الصحراويين" الطهارة " وخطبة وزواج وطلاق وموت ودفن ، ومنها ما يرتبط بالمواسم والشهور الدينية خاصة مناسبتي عيدي الفطر والأضحى وشهري شعبان و رمضان
.


 بالإضافة إلى ذلك هناك عادات أخرى تتعلق بفنون الطبخ التقليدي أي المشروبات والمأكولات الشعبية واللباس الصحراوي  التقليدي ومنه "الملحفة" التي تلبسها نساء الصحراء  و" الدراعة" كلباس خاص بالرجال .

هذا فضلا عن طقوس الكرم والضيافة والترفيه ومكونات وترتيب المسكن الخاص( الخيمة أو البيت العصري ) ومبادئ التربية وأدبيات التضامن مع الغير والعلاقة مع الماشية ومختلف الحيوانات ومنها بشكل رئيس الجمل سفينة الصحراء المتميزة التي لا تمل أو تكل أو تخون الصحراوي ومهما كانت الظروف
.

علاقة الإنسان الصحراوي بالإبل علاقة قديمة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ ويطلق على الجمل "سفينة الصحراء" وهو وصف مثالي ينطبق عليه تماما نظراً لقدراته العجيبية على تحمل المشاق وصبره على احتمال العطش في هجير الصحراء و حرها اللافح وهو يقطع الفيافى والقفار رفيقا لصاحبه في حله وترحاله ..

 
فللإبل مكانة مرموقة عند سكان الصحراء، ولا يزال لها من ذلك حظ وفير عند كثير من الناس في العصر الحاضر, وأيا كان الأمر اليوم فان أحدا لا ينسى دور الإبل التي كانت كل شيء في حياة الأجداد .. كانت مصدر الرزق .. ووسيلة المواصلات...و منبعا للفخر حيث ظلت تحتل ركناً مهماً ومكانة أساسية  في الحياة السوسيو-اقتصادية للمجتمع الصحراوي. فالجمال حيوانات صبورة، شديدة التكيف والتأقلم للعيش في ظروف الصحراء القاسية وفق نظام رعوي بدائي، أو شبه بدائي  و هي تتمتع بشكل عام بطبائع هادئة ذات ذكاء متميز لها خاصية فريدة حيث تعرف بالصبر والجلد وتحمل المشاق والشعور باللامبالاة عند تعرضها للعوامل المناخية القاسية حيث تستمر في عملها تحت أشد الظروف حتى الرمق الأخير .
كما انها تشارك صاحبها الخوف فإذا خاف اضطربت فإذا ما شعرت الإبل بحاجة أهلها للرحيل خوفا من خطر قادم شنفت آذانها ومدت أعناقها تتحسس مصدر الخطر وجهته وأسرعت المشي في الرحيل وأحيانا تجدها تنذر أهلها بالخطر والرحيل قبل وقوعه لأنها اذا أحست به نهضت واتجهت بأعناقها في جهة العدو المهاجم فقط وتبدو عليها الاضطرابات فيدرك صاحبها أن هناك عدو قادم فيستعد له مما جعل لهذا الحيوان مكانة خاصة في حياة البداوة عامة و الإنسان الصحراوي على وجه الخصوص  .


الجمل وعلاقته بالمحبوبة والمرابع في الأدب الحساني

لم يوجد إنسان على ظهر البسيطة لنفسه علاقة أقوى وأرسخ بمحيطه الطبيعي , من علاقة أبناء الصحراء بالإبل.

إنها العلاقة التي تحولت بفعل حيوية وأهمية الإبل في حياة أبناء هذه الأفق المفتوح على سَموم الأرض , وشموس الدنيا، وعواصف الكون .. إلى علاقة قربى، و علاقة ثقة، حتى وكأن الجمل تحول إلى ابن عم لساكنة هذه الأرض، التى يحتل فيها أبناء العمومة ما احتلوه؛ فهوالمذقذ من المتاهة والمنجد أثناء المعارك وهو من يسقى، ومن يطعم، وهو الذي يوفر كل ما تتطلبه حياة الصحراء القاحلة  من أسباب عيش ضنين...العلاقة بين الجمل و الإنسان في هذه النقطة من الأرض علاقة وفاء و محبة , وعلاقة امتنان لما يقدمه هذا الكائن الخرافي صبرا ومثابرة وتحملا و تضحية.

أما الجمل بمفهوم أكثر تحديدا الجمل المطية، الجمل "المركوب " فإنه يتغلغل في ثنايا النسيج الوجداني   للأديب الحساني ، الذي عمر هذه الأفق المترامي ،وتغني به، وأنشأ عالمه الخاص , الذي وجد فيه الجمل الصاحب الوفي، الذي يدنى إلى الحبيب في غفلة من الواشين والرقباء دون ضجيج ، وببعده عنهم دون إثارة انتباه .هذا الصديق الذي تعود الصبر على صاحبه، فلا يبخل عليه بجهد ولو تطلب ذلك التضحية بالحياة.

وإذا عدنا إلى عنوان هذه المداخلة "علاقة الجمل بالمحبوبة والمرابع في الأدب الحساني" فإننا سنجد الكثير من النماذج الدالة، كما نجد مدونة عصية على الحصر.. لهذا سنقوم بعملية انتقاء لا ندعي أنها تحيط بمختلف جوانب الموضوع ، أو أننا وفقنا في اختيار النماذج الأكثر التصاقا به و التعبير عنه . وإنما سنحاول من خلال هذه المعالجة  أن نستبين منزلة الجمل: ( أزوزال ، المركوب ، الصيدح ) في وجدان الشاعر الحساني الذي يتعامل مع هذا الجمل ، وكأنه جزء أو طرف فاعل في عملية الوصال , والبث و النجوى , ويشارك بصمت ودون أي وشاية أو تنبيه في هذه الزورة المريبة واللذيذة ... هذا المنحى سيجعل الأديب العاشق ينزه مركوبه الذي أنجز  مهمة الوصول ، عن كل أنواع التداول العادي من بيع ومقايضة واستغلال طبيعي . يقول الأديب و الشاعر بزيد ولد هدار بشأن صيدح له وهي ناقة ذلول  اسمها التيمركيت :
 
                                 أنَْهَــــارَاتِ يَالتِّيمِرْكِيتْ        لَثْنَيْنْ اعْلِيكْ امْنَيْنْ امْشَيْتْ

                                وَاحِْد مِنْ لِمَّلَّ وَسَيْـــــتْ        اغَنْجَيْدِيتْ اعْلِيكْ انْهَــــارْ

                                أوَسِّيتْ اعْلِيكْ اغَنْجَيْدِيتْ       انَْْهَارْ امْن احْوَيْفِرْ لِــحْمَارْ

                                أمِنْ ذِيكْ السَّاعَ لِمْغَلِّــيكْ        مابِعْتِكْ فِي أغْنَيْــمَ وَأوْزَارْ

                                وَ الاَّ فِي ابَّعْـرَ وامْخَلِّيكْ        مَاعِدْتِ عِشْرَ مِنْ لِــــعْشَارْ

                                                  أنْهَارَاتِ

فهذه الناقة( الصيدح) تتحول إلى كائن يتمتع بقيمة رمزية لعلاقتها بالوصال ، وهذا يخرجها من دائرة التعاطي العادي ، فهي لاتباع و لا تشتري، ولا تقايض، لأن المهمة التي أنجزتها ما زالت ماثلة، وكأن     إعادة إنجازها ممكنة ومطلوبة..  هذه العلاقة الرمزية التنزيهية  للجمل أو المركوب الذي يدخل في عملية الوصال واللقاء مع الحبيب هي أحد السمات البارزة للنسيب الراقي في الأدب الحساني إذ يعتمد الترميز بالمكان ، والإشارة الخفية والتورية  والرحلة والرواح،  للتعبير عما تعنيه من بث ووصال وهيام.

وإذا عدنا إلى النصوص القديمة في الأدب الحساني نجد أن الجمل حاضر بقوته ورحلاته الصبورة ، وانتقاله الدؤوب من مكان الغربة والبعاد، إلى ربوع الحيية والوصال.

ومن أقدم النصوص المرصودة في هذا المعنى : قو ل أحدهم ، وهو من النصوص غير المعزوة :

إظَلْ أهَيْكـــــــــُولْ يَوْمْ كَلْفُ             مِنْ تِيمُكْرَارْ لآو كار
يِهْبِشْ في الشَّصْ رَاصْ كَفُّ             ثَبْشْ الشِّرَّارْ فَالرَّارْ

ويعطى النص هنا الجَمَل اسما نابعا من صفته فتمحضت لتصبح علما عليه، فيتحول دلاليا إلي "أهيكول" وهو في الأصل الضخم العظيم الخلقة، كما أن اللغة المستخدمة في هذا الگاف ، أو "القافية"- إن جاز التعبير- تتضمن مزاوجة كاملة بين اللغة الصنهاجية ( أكلام ازناگه )  والحسانية، إلا أن الحسانية هنا توطن الصنهاجية  لبنيتها مع الاحتفاظ بالمعنى الأصل (فالشرار) هي كلمة بربرية، وتعنى المبرد الذي يبرد به الحديد، و اراْر هو شجر اليتوع ( أفرنان ) ممايعني أن اللغة الحسانية في هذه المرحلة قد أخضعت لغة صنهاجة لبنيتها..  ومعنى القافية أو الگاف أن "الجمل القوي يسير بسرعة وقوة ينحت الحجارة بخفه كما ينحت المبرد شجر اليتوع الرخو الرطب مبالغة في التأثير.

وبعد أن تحول الأدب الحساني من صفته أدبا خاصا بالمغنين، وفي مرحلة لاحقة بنى حسان، ثم بدأ الأفق البيضاني يتعاطاه ويتداوله بوصفه أدبا للحسانية  و توطن هذا الأفق الذي يتكلم الحسانية باعتباره تعبيرا أدبيا جماليا , فإن الإبل كانت حاضرة بقوة في هذا الأدب و صفا وتنويها ، وتعبيرا عن الامتنان خاصة بالنسبة للعشاق الوالهين الذين يمتلكون عادة جمالا قوية تستطيع السير لمسافات قياسية  في زمن قياسي.

ولعل وصف الرحلة , وصعوباتها , وما تسببه للجمل من جهد و مشقة هي السمة البارزة لهذا المنحى الأدبي الذي لم نعتر على من أفرد له بابا خاصا به في الدراسة مع تعزر الإحاطة –الأستاذ الباحث الأديب الطالب بويا العتيق ماء العينين في كتابه " شذرات من الأدب الحساني، إذ أفرد بابا أسماه "الشعر في الإبل"، أورد فيه بعض النماذج..
وإذ أمعنا النظر في مدونة الرحلة عند الأديب الحساني فإننا نجد أنها بالأساس رحلة افتراضية، تراود الشاعر حين ينظر إلى محيا جمله أوصيدحه، أو يكونا ميسرين للرحلة.. هذه الرحلة النفسية المراودة قد تتوفر أسبابها فتكون سهلة، لايقف أمامها عائق سوى الوقت، وهو الصباحات التى تتفتح معها عيون الوشاة والرقباء ، لكن تعذر الوصال بعد الوصول أيضا قد يكون من معوقات الرحلة، لهذا نجد الأمير والأديب الثائر ابراهيم ولد بكار ولد اسويد أحمد (ابراهيم ولد ابراهيم)يتساءل:
  حَدْ ارْكَبْ مِنْ عَنْدْ أمُدْلاَنْ      جَمْلُ سَابِگ وَاصْلُ مگدِرْ
                                مَايَجْبَرْ وَنّـــَاسِتْ لَكْنَـــانْ      ذِيكْ الِّ عَنْدْ اسْوِيدْ انْبِرْ؟؟
ورغم افتراضية الرحلة بدليل ورود كلمة "حد" ،فإنه يضع مخطط الرحلة  وعمادها وهو الجمل القوي السريع، الذي يحمل مشتاقا والها قوي البنية ، يكد يطير شوقا ونزوعا إلى "أنس القلوب"{وناست لكنان}..لهذا تبدوا الرحلة وكأنها اكتملت بكافة شروطها، وبالتالي فهي حتمية التحقق، ولو كانت غير مضمونة النتائج.

 
التربية الدينية : (التخرج من المسيد)


يتلقى الأطفال بالأقاليم الصحراوية تعليما تقليديا أوليا يبدأ بتعلم الحروف الأبجدية " الليف" أي الألف و" البــاي " أي البـــاء و" التاي"  أي التـاء...الخ . وذلك على يد فقيـــه الفريك " بلمسيد" الذي كان يؤدي دور المدرسة العصرية حاليا ، وبعد ذلك يتعلم الأطفال الأحرف المركبة " أبجد ، هوز ، حطي..." ثم البسملة وفاتحة القران الكريم ثم كتابة آية أو اثنتين ، ثم بعض السور القرآنية بالتدريج إلا أن يختم القران الكريم ، حيث يحتفي بالأطفال عن طريق تخضيب اليد بالحناء ويمدحون ويهنئون ، وتقدم عائلة الطالب المتخرج للفقيه   "مركوبا"  أي جملا متوسط الحجم على التقدير والامتنان على تعليم ابنهم.
الخيمة

الخيمة هي الوحدة الأساسية المكونة ل( الفزيڭ) مجموعة الخيام التي يجاور بعضها البعض سواء لسبب قرابة أو انتجاع مراعي أو لقرب المياه أو لسبب من الأسباب. وبذلك لا تكون الخيمة وحدة للاستقرار المادي فحسب وإنما تجسد إطارا قويا للعلاقات الاجتماعية والعائلية، فإن قيل: خيمة أهل فلان، تعني أسرتهم الصغيرة أو الكبيرة، وإذا قيل فلان تخيَّم أو استخيم بمعنى تزوج...
وتصنع الخيمة من شعر الماعز بصوف النعام السوداء ما لم يتوفر الشعر الكثير وتنسج على شكل وحدات طويلة حسب رغبة المالك في الاتساع.

ولا يتعدى عرض الوحدة حوالي الخمسين أو الستين سنتيمترا. وتسمى هذه الوحدة الأساسية في صناعة الخيمة "لفليج" (ج فِلْجَهْ)، تقوم المرأة بنسجها عبر مراحل دقيقة يمر بها الشعر منذ إزالته من فوق ظهور الشياه إلى أن يصبح خيمة تأوي الأسرة وتحمي ممتلكاتها. وأهم هذه المراحل: اتفر، لغزيل ولبريم، المحْطْ، التسدْي، إِنزيز، لخياط...


وتشترك معدات مختلفة في تهيئ هذا العمل منها ما هو خشبي: كالقرشال والمغزل والمبرم والصوصية والمنرز ومنها ما صنع من حديد كالابر والمِخْيَط، والمدراه وما إلى ذلك.

وتقوم الخيمة على ركيزتين تتعانقان في غطاء مقوس صنع من خشب يسمى "الحمار" وتقوم مقامه أحيانا قطعة من قماش تلف رأس الركيزة لئلا تخرجا من وسط الخيمة التي تحملانه إلى أعلى. وتشد إلى الأرض بأوتاد عبر حبال ثمانية تسمى لٍخْوالفْ والظهرَهْ بواسطة حلقات مثلثة مفتوحة تسمى لخراب.


وتأوي الخيمة كل مستلزمات الحياة من أواني وأغطية وأفرشة ومواد غذائية ترتب بشكل يسمح باستقبال الضيوف وإطعام الوافدين وإيواء النازلين دون ضجر أو إزعاج غي جو يطبعه الإنسجام والبساطة التي تعكس المروءة والكرم والجاه. وقد نتبين المكانة الاجتماعية أو الاقتصادية للشخص من خلال حجم خيمته ووضعها داخل ترتيب بقيمة خيام لفريڭ.

الشاي

للشاي بالأقاليم الصحراوية طقوس خاصة وأوقات معينة يتم إعداده فيها ، ورغم أن الشاي ليس غاية في حد ذاته ، إلا انه يستحيل عند الصحراويين أن يعقد مجلس أو يحيى سمر دون إعداد الشاي " أتاي "  وحول صينية الشاي يتم تداول الأخبار ومناقشة أمور الحياة عامة .




 وقد حافظ الصحراويين على أدبيات وطقوس إعداد الشاي القديمة ، ومن أبرز هذه العادات  ما يصطلح عليه الصحراويون ب  "جيمات أتاي الثلاثة " وهي الجماعة إذ من الأفضل أن يتم تناول الشاي مع الجماعة ومهما كثر عددها كان ذلك أفضل  و "الجر" ،  كناية عن  استحسان إطالة المدة الزمنية لتحضير الشاي وهو شرط يتيح للجماعة فرصة تناول أمورها بروية و تأن ،  والجمر ، إذ من الأفضل إعداد الشاي على الفحم  .


و يعتبر الشاي من الأولويات التي يجب أن تقدم للضيف ، لذا حرص الرجل الصحراوي منذ القدم أن لا يخلو بيته من هذه المادة بالغة الأهمية والتي يسعى إلى جلبها من البلاد البعيدة ، وقد كان يضطر أحيانا إلى شراء الشاي بمبالغ باهظة جدا ، وقد حدثت مقايضة كيلو غرام واحد من الشاي ، أو قالب واحد من السكر ، بناقة أو جمل أو برؤوس عدة من الغنم .


ويطلق على معد الشاي" القيام" ويتم اختياره من بين أفراد الجماعة وفق مواصفات معينة من بينها  : بلاغة الحديث وإتقان الشعر، ودماثة الخلق ،  وحسن الصورة ( الوسامة ) وأن يكون من أصل طيب ، ويعتبر إسناد مهمة إعداد الشاي إلى أحد أفراد الجماعة من باب التشريف وليس التكليف.
  

ويجد الصحراويين متعة خاصة في مشاهدة " القيام "  وهو يعد لهم كؤوس الشاي ، حتى يتسنى لهم إبداء ملاحظاتهم وتعليقاتهم على الأخطاء التي قد يرتكبها معد الشاي ومن بينها : أن لا يحسن التعامل مع أدوات إعداد الشاي ، أو تقديم كؤوس شاي غير مطبوخة جيدا ، أو لا يعتني بنظافة صينية الشاي ، أو أن يكثر القيام والجلوس ويبالغ في الحركة والكلام .


ومن فوائد الشاي الصحية المساعدة على عملية الهضم لذا حرص الصحراويون على تناول الشاي بعد وجبات اللحم الدسمة.  وعموما لا يعتبر الشاي في الصحراء مشروبا تقليديا فحسب ، بل سمة من سمات الكرم الصحراوي ، وعلامة من علامات الحفاوة وحسن الاستقبال ، حيث أن الصحراويين ينادون ضيوفهم لتناول الشاي أكثر من الأكل. 


 ويطلق الصحراويين على" القيام" المعروف بجودة إعداد كؤوس الشاي " فلان تياي " على وزن فعال ، ومن الطقوس لدى الصحراويين أثناء جلسة الشاي الرمي بالأكواب ( الفارغة ) في اتجاه " القيام" إقرارا منهم بجودة كؤوس الشاي ، خاصة إذا كان المجلس يتكون من الشباب . 


ويطلق الصحراويين على الشاي بالغ الجودة " هذا اتاي يكلع ادواخ " ، أي أن هذا الشاي مزيل لآلام الرأس ، خاصة كؤوس الشاي التي يتم إعدادها عصرا ، التي يطلق عليها الصحراويين " أدحميس " ويستحيل أن يهمل الصحراوي احتساء " أتاي الدحميس" إلا في ظروف قاهرة . 


وقد ينتهي الصحراويين لتوهم من جلسة شاي طويلة جدا ، ويدخل بعض الضيوف المتأخرين ، ويقولون" نعلو أتاي "بمعنى هل نعيد إعداد الشاي ؟  إكراما   لضيفهم وتحسبا لرغبته في شرب الشاي .


كتب

الفاسي يؤكد عزمه التجاوب مع مطالب النقابات - Hespress