| لكل من الذكر و الأنثى في الأقاليم الصحراوية لباس خاص من مختلف الأصناف والعينات فالرجل يلبس "الدراعة" ، في حين تلبس المرأة رسميا "الملحفة "، وعموما تتميز ملابس كلا الجنسين بالحشمة والتواضع والوقار والذوق السليم والبساطة ولا يجد الصحراوي أي مشكلة في القيـام بأكثر الأعمال تعقيدا وهو يرتدي ملابســه التقليديــة التي قد توحـــي بالتثاقل و التنافي مع الخفة والسلوك العملي ومتطلبات عصر السرعة .
أما من ناحية الحلي ، اعتادت المرأة الصحراوية في بداوتها التزين بأنواع الحلي الفضية والأحجار الكريمة ومن هذه الحلي نذكر" لمبايل" والأرساغ و "الليات" وهي حلي توضع على المعصمين ، بينما تضع في رجليها الخلاخل ، وتزين نحرها "بالبغداد" وهو عبارة عن كتاب صغير من الفضة الخالصة والحجارة الكريمة المسماة البزرادة .
وهناك الصرع الذي يصنع من الأحجار الكريمة ، وهو قريب من شكل القلادة ، وهناك القلادة نفسها ، التي تصنع من أجود الأحجار الكريمة. هي عبارة عن ثوب فضفاض له فتحتان واسعتان على الجنبين، خيط من أسفل طرفيه وله جيب على الصدر، وهي عادة ما تكون بأحد اللونين الأبيض أو الأزرق ، ويلبس تحت "الدراعة" سروال فضفاض يقارب الشكل الحالي للسراويل التقليدية بالشمال المغربي ويخاط من سبعة أمتار تقريبا ، يتدلى حزامه إلى أن يلامس الأرض ، ويسمى "لكشاط" ويصنع من الجلد الناعم به حلقة حديدية تسمى الحلكة ، ويضع الصحراوي على رأسه اللثام الأسود ، الذي يخضع لتفسيرات متباينة فمنهم من يعتقد بأنه يرمز للحياء ، أو للوقاية من حرارة الشمس و قساوة البيئة. وفي بعض المناسبات قد يرادف الصحراوي دراعتان بيضاء وزرقاء في نفس الآن.
اللثــام
نظرا لاستعمالاته وفوائده المتنوعة ، يكاد اللثام يكون أهم قطعة ضمن مكونات زي الرجل الصحراوي ، الذي اعتاد أن يستعين باللثام عند قضاء ما يزيد على 14 غرضا ، اثناء حله وترحاله على السواء.
فاللثام يعتبر بمثابة مظلة استعان بها الرجل الصحراوي لوقاية رأسه من حرارة الشمس، وقد يستعمل اللثام كلحاف خفيف عند النوم زمن الصيف ، أو منشفة عند الوضوء ، أو غسل الوجه أو اليدين ، كما استخدم كضمادة عندالجروح ، أو حبل عند الحاجة لعقل الابل أو جلب المياه بالدلاء من الابار، أو العيون كما وظف اللثام كقفة للم الاغراض عند التسوق، هذا فضلا عن قيمته الاضافية والجمالية المصاحبة لارتداء الدراعة.
هي عبارة عن ثوب طوله أربعة أمتار وعرضه لا يتجاوز المتر الواحد والستين سنتيمتر تلبسه المرأة الصحراوية أينما حلت وارتحلت. لكن ليست كل الملاحف متشابهة ، ذلك أن المرأة الصحراوية تميز بين ملحفة المناسبات والملحفة التي تلبس يوميا بالخيمة وبدون مناسبة ، كما أن المرأة الصحراوية تميز بين ملحفة المرأة الشابة وملحفة المرأة كبيرة السن
في قديم الزمان كان للفتيات الصحراويات لباسا شبيها بالدراعة وهو يتكون من قطعتين بلونين مختلفين ، أزرق و أسود ، مع "ظفيرة" واحدة ، وعن بلوغها سن الرشد تلبس الشابة الصحراوية الملحفة إلى حين زواجها .
وعموما لم يحدث تغيير كبير على طريقة لباس الملحفة، وتنحصر التغييرات على نوع الثوب الذي تصنع منه الملحفة، حيث أصبحت العديد من الأثواب غير المعروفة عند الصحراويين قديما تغزو الأسواق، كما أدخلت عليها تطورات تساير الركب الحضاري الذي عرفته المرأة الصحراوية.
الضفائر لا تستغني المرأة الصحراوية عن " الضفائر" المرصعة ، فهو تقليد رافقها منذ زمن بعيد ، وتعد من أهم العناصر التي تكون المظهر الخارجي للمرأة الصحراوية ، واستطاعت المرأة الصحراوية تطوير شكل الضفائر لتأخذ عدة أشكال تتناسب والجو العام الذي توجد فيه .
وتختلف زينة المرأة الصحراوية من الضفائر في الأيام العادية ، عن ضفائر الأعراس والحفلات والأعياد ، و للضفائر عدة أسماء من بينها " غافة" ، "الملفوفة" ، "المشنفة" وهي من ضفائر النساء المتقدمات في السن . ومن ضفائر المراهقات و الشابات المقبلات على الزواج تتزين المرأة الصحراوية بضفائر "سالا مانا" ، أو ضفيرة" الباز" أو" ضفيرة التعازيل".
ملاحف الصحراء.. لوحات تشكيلية ترتديها النساء
يكتسي موضوع الأزياء التقليدية بالمناطق الجنوبية بالمغرب طابعا خاصا ومتميزا يتجلى عمقه كثيرا في شعبيتها والوظائف الكثيرة التي تؤديها على عدة مستويات وأبعاد, سواء كانت مظهرية جمالية, أو نفسية صحية, أو أخرى مرتبطة بإيقاعات الحياة اليومية.
هذه الأزياء هي عموما رجالية كالدراعة واللثام وسراويل لعرب (أو سراويل كشاط, وهي سراويل فضفاضة تضم أحزمة جلدية طويلة تمتد حتى القدمين), وأخرى نسائية أهمها الملاحف التي تشكل موضوع هذا المقال خصوصا فيما يميزها من أصباغ وتلاوين وأشكال زخرفية أشبه بلوحات تجريدية تكثر فيها التبقيعات والتسريحات اللونية المتشاكلة.
في هذا الإطار تغدو الملحفة, كزي نسائي مرئي متميز في الصحراء, مجالا خصبا لتطبيق مجموعة من العناصر التشكيلية والجمالية (أبرزها اللون والوحدات التعبيرية الصباغية المعادلة له) التي تظهر في ضوئها المهارة الفنية التي يتميز بها الصباغون الصحراويون.
وإذا قيل قديما إن جمالية المنتوج الفني (عامة) لا تنحصر بالضرورة في جمالية الموضوع الذي يمثله, بل تتجلى أكثر في صميم مظهره الحسي والمرئي, فلأن الصباغ التقليدي الصحراوي (الذي يحترف صباغة وتلوين الأزياء) يحاول أن يروض عيوننا على التمتع بالمظاهر البصرية الجمالية حيث نراه يضع أمام أنظارنا بعض التكاوين التشكيلية المتجانسة شكلا ولونا التي تسم إنتاجاته الفنية المتعددة وصباغة الملاحف إحداها.
وقبل تناول بعض الخصوصيات التشكيلية التي تبرز من عمق الملحفة بوصفها سندا إبداعيا يتجاوز دوره الوظيفي, نبرز فيما يأتي طبيعة التقنية التي تصبغ بها الملاحف في الصحراء, مع التذكير ببعض أنواعها وعيناتها الأكثر تداولا واستهلاكا.
بين الصَّر.. والباتيك
لقد مرت الملحفة بمراحل كثيرة على مستوى أساليب وتقنيات صباغتها (أو على الأصح تلوينها), إلا أن أبرزها تظل, من دون منازع, تقنية الصر التي ترتبط في كثير من النواحي بتقنية تشكيلية هي تقنية (الباتيك) Batik التي تعني تشميع وتجعيد القماش ووضعه داخل الصباغة (بكيفية التغميس) بشكل عفوي, وبعد القيام بفتحه تظهرالألوان متشاكلة ومتجانسة بشكل عفوي.. ولكن للعفوية أيضا ما يبررها وما يؤكد أهميتها التعبيرية والجمالية.
ويعتبر فن الباتيك - الذي يستمد منه الصباغون الصحراويون التقنية التلوينية التي تمثل مصدر عيشهم - من أبرز أشكال الرسم على القماش بالصبغات الملونة والمواد الكيميائية والشمع التي ظلت معظم الشعوب تستعمله كأسلوب تجريدي (عدا بعض التجارب التي برز فيها كتعبير شخوصي, أو تشخيصي وهي قليلة) فهو - أي الباتيك - من الفنون الصباغية التي تمارس بشكل شعبي في آسيا خصوصا في الهند والصين وباكستان وبعض دول إفريقيا الجنوبية حيث يقوم ممارسوه هناك باستخلاص الأصباغ والمساحيق الملونة من بعض النباتات التي تتميز بالمقاومة وطول البقاء بهدف إبراز مواضيعهم وتجسيد شحنات أفكارهم المستمدة غالبا من الثقافة الشعبية والمعتقدات الدينية والميثولوجية.
أما بخصوص الألوان البادية في الملحفة فيمكن تقسيمها إلى نوعين: ألوان خاصة بفئة الشابات غالبا ما تكون زاهية, أو فاتحة, أو إشراقية كالأزرق والبرتقالي والأخضر والأحمر القاني, وأخرى ترتبط بفئة المسنات غالبا (إن لم نقل دائما) ما تكون داكنة وقاتمة بالضرورة, وفي ذلك إيحاءات كثيرة ومتعددة.
ويعود السبب في هذه (الاختيارات اللونية) إلى الدلالة العميقة للون الذي قد يرمز إلى انتماء اجتماعي أو عمري معين, أو قد يدل على هوية ما بحيث يكون (مثلا) من غير اللائق على امرأة مسنة أن ترتدي ملحفة مزركشة بالألوان, بقد ما ترتدي الأسود والرمادي والأبيض (في قليل من الأحيان), أو الألوان الداكنة أحادية الدرجات الضوئية (المونوكرونية) للدلالة على الميل إلى البساطة في العيش والحياة.
وتسمى الملاحف التي يكثر فيها اللون الأحمر كلون الدم بالمدمية, أما الملاحف المزربقة فتعني ما كان مصبوغا منها بلون الزبارق, وهو القمر. والمهري منها, أي المصبوغ بالأصفر كلون الشمس. إضافة إلى الملاحف الممكورة, وهي المائلة لونا إلى الحمرة, فضلا عن أخرى يكثر فيها اللون الخبازي والأحمر الناري/ rouge vif والأزرق الكوبلتي وغير ذلك كثير.
بالنسبة لأنواع الملاحف فهي كثيرة ومتعددة من حيث طبيعة الثوب (الخنط), أو من حيث التسميات المرتبطة بها, وأعتقد أن التطور الاستهلاكي أصبح ينسينا بعضها لكثرة الإنتاج وحجم الاستهلاك. ومن بين أهم وأقدم الملاحف لدى النساء الصحراويات نذكر: ساغامبو, صافانا, واخ, النميرات (تتضمن كزخرفة أرقاما مبعثرة), ثم ملاحف النعامة. ويضاف إلى ذلك ملاحف النحيف, ثم دوماس, دلاس, كوكا, الطلبة, لمبيرد (متعددة الألوان), توبيت, رش تيدكت, لمكيمش, الجو, السنتور, الجزيرة.
غير أن الملاحف الحديثة أصبحت تسميتها ترتبط (عفويا أو رمزيا) ببعض المناسبات والأحداث كوسيلة للترويج والتبضيع كملاحف غونزالو (بطل المسلسل المكسيكي (أنت أو لا أحد)), ملاحف سويسرا (وهي أكثر الأنواع استهلاكا), ملاحف السكة الحديدية, وملاحف الغيرة (تثير غيرة الآخرين من حيث كونها تتشكل من أشرطة مخيطة بكيفية متساوية يتعاقب فيها لونان داكنان هما الأسود والأزرق اللامع الضارب إلى السواد), ملاحف الطرف (خالية من الألوان والتزاويق عدا أحد الأطراف الجانبية التي تكونها), فضلا عن ملاحف النص, راكيل, وملاحف الرقيق, وهي النوعية الأكثر استهلاكا في الوقت الراهن عند الصحراويين بفعل تزايد إقبال الصغيرات والشابات على اقتنائها, فهي رقيقة شفافة تساهم كثيرا في الكشف عن مفاتن الجسد وإظهار أجزاء مهمة منه.
وإضافة إلى كل ذلك, يوجد نوع آخر من الملاحف خضع لكثير من التطور هو ملاحف الشرك (أو ملاحف لنصاص التي يتم جلبها من موريتانيا في شكل أشرطة طويلة (بنايك) - لا يتجاوز عرضها ثلاثة سنتيمترات - ملفوفة على القصب, ويعتبر هذا النوع من أغلى الملاحف ثمنا بالصحراء, حيث يتجاوز سعره ثلاثة آلاف درهم للقطعة الواحدة) المصطبغة بالنيلة (نسبة إلى شجرة النيلة - Indigotier), وهي مادة زرقاء داكنة أقرب إلى السواد تستعمل لغايات صحية وجمالية بحتة وغير هذه النماذج كثير.
خصوصيات تشكيلية
نظرا لأن الملحفة تعد سندا تشكيليا مرئيا Support Plastique Visuel بامتياز, فإننا نبرز فيما يأتي بعض الاستخلاصات الناتجة عن دراسة استتيقية اهتمت بالجانب الفني والجمالي البادي في الملحفة شكلا وتقنية:
- من بين الخصوصيات الفنية المميزة للملحفة احتفاظها بالجانب التشكيلي المتمثل في انتشار الألوان والآثار اللونية (بطريقة المسح والترك والمحو) داخل الرقع تحدد مساحات مهمة داخل فضاء الملحفة خصوصا حين تلبس.
- اعتمادا على التبقيعات والتخطيطات اللونية المتشاكلة داخل الملحفة يصح لنا الحديث عن وجود نسيج لوني تحكمه نسقية لونية متكاملة تكون مسبوقة باستعمالات محكمة للتقنية الصباغية المتبعة, بحيث تكون النتيجة الصباغية معروفة قبلا من طرف الصباغين.
- إن التوظيف اللوني الذي يكسو جل الملاحف بالصحراء يفسر براعة الصباغين التقليديين الصحراويين, ونجاحهم في توزيع ألوانهم وفق توليفة تشكيلية تتأرجح بين التجريدية الغنائية Abstraction Lyrique والتعبيرية التجريدية (المميزة لما بعد الرسموية), وتنم عن وجود حرفية عالية تتغيا إعطاء الملحفة طابعا صباغيا خطيا وتنقيطيا وبقعويا, حيث تظهر بصمات وآثار لونية متغايرة ناتجة عن سيلان حبري وصباغي لونمائي يخترق مساحات مهمة من الملحفة تكون مطلية بصباغة حركية بفعل أسلوبي الصر والترك خصوصا على مستوى الحيز.
- الملحفة فضاء تشكيلي تتصادم فيه الألوان الفاتحة لتفيض على مساحات صغيرة ومتوسطة غنية بتراكبات لونية داكنة.
- الملاحف بالصحراء تحف فنية تستمد هويتها التشكيلية من التمازجات اللونية القائمة على الشفافية والكثافة والتعارض (الكونتراست) الضوئي والظلي الذي يمنح العين (عين المتلقي) متعة بصرية غاية في الجمال والإبداع.
- إن الصباغ التقليدي الصحراوي يتألق في طلي الملاحف وتلوينها, ويبدع في خلق التوازنات الملائمة بين وحداته الملونة, فهو لا يتخذ هذه الأخيرة كمفردات تشكيلية مجانية, بل يجعل منها (وفق مهارة يدوية خاصة) أشكالا لمفاهيم تشكيلية تجريدية جديدة عابقة بالكثير من الدلالات والمفاهيم الطيفية, يساعده في ذلك توظيفه التبريري لمواد صباغية تقليدية يختارها ويحددها حسب طبيعة الحاجة.
- الملحفة عبارة عن مشهد تشكيلي تتعاور فيه التكاوين والتراكيب اللونية الجمالية وفق إيقاع لغة تشكيلية يتطلب فهمها البحث في دلالة الألوان التي تكونها, والتفاعل بصريا مع الخصوصيات المرئية التي تبرز في ضوء التقنية المتبعة في تشكيلها.عموما يمكن القول, إن الصباغ الصحراوي قد أثبت (داخل وخارج مجال صباغة الملاحف) قدرته الفائقة على الإبداع في مجال صنعته وحرفته, وأكدت تجربة تلوينية بعد أخرى تطور المهارة اليدوية لديه مهما كانت مواد وأسندة الاشتغال, دون أن يبالي بالزحمة التي باتت تفرضها - ضغطا - الإنتاجية الآلية العصرية على كل عمل يدوي شعبي أصـيل ومتجذر
|
|
شكراً جزيلاً لك
ردحذفالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته منتديات ملوك المملكة العربية السعودية برقم الجلوس في البيوت القديمة بدون عمل إيش العمل
ردحذف💃👏👏👏👏👏👏
ردحذف